ارباح شركات التكنولوجيا تعيد التفاؤل رغم التوترات التجارية
تبدأ الأسواق العالمية آخر أيام شهر أكتوبر بنغمة إيجابية، مدعومة بنتائج قوية من كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية التي أعادت الثقة للمستثمرين بعد أسبوع متقلب هيمنت عليه الأخبار الجيوسياسية والسياسية. أرباح أمازون وآبل فاقت التوقعات وأعادت الزخم لأسهم التكنولوجيا العملاقة، في حين أضافت التطورات الجديدة في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين مستوى جديداً من الضبابية على المشهد الاقتصادي العام.
آفاق السوق الأمريكية

ارتفعت العقود الآجلة للمؤشرات الأمريكية في تداولات الجمعة المبكرة، إذ صعدت عقود S&P 500 بنسبة 0.6%، وارتفعت عقود Nasdaq 100 بأكثر من 1%، بعدما جاءت نتائج أمازون وآبل أفضل من التوقعات. ويأتي هذا الارتفاع بعد تراجع مؤقت في أسهم التكنولوجيا خلال الأسبوع، عندما أثارت المخاوف من الإنفاق المفرط على الذكاء الاصطناعي ضغوطاً على التقييمات.
تعكس هذه الحركة التفاؤل المتجدد بأن دورة الأرباح للشركات الكبرى لا تزال تملك زخماً، مدعومة بالدمج المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الحوسبة السحابية والتجارة الإلكترونية والمنتجات الاستهلاكية. وفي الوقت ذاته، استقرت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات قرب 4.10%، كما استقر مؤشر الدولار، في إشارة إلى توقف مؤقت في موجة العزوف عن المخاطرة.
أبرز أخبار الشركات
أمازون: انتعاش قوي في قطاع الحوسبة السحابية
سجلت أمازون أحد أقوى أرباحها في السنوات الأخيرة، مدفوعة بأداء وحدة الحوسبة السحابية AWS التي نمت بنسبة 20% على أساس سنوي لتصل إلى 33 مليار دولار — وهي أسرع وتيرة نمو منذ نهاية عام 2022.
النتائج خففت المخاوف بشأن تراجع حصة أمازون أمام منافسيها، فيما كشفت الشركة عن توسع كبير في استخدام الذكاء الاصطناعي عبر مختلف قطاعاتها، بما في ذلك روبوت الدردشة “روفوس” في تطبيق التسوق ومنصة “Bedrock” لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات.

بلغت الإيرادات الإجمالية 180.2 مليار دولار بزيادة 13%، وارتفع الدخل التشغيلي إلى 17.4 مليار دولار رغم تكاليف التسويات وإعادة الهيكلة. أما بالنسبة للربع الرابع، فتتوقع الشركة مبيعات بين 206 و213 مليار دولار، مما يعكس ثقة قوية قبل موسم العطلات. وقفز سهمها نحو 13% بعد الإغلاق.
آبل تتوقع ربع عطلات قياسي
قدمت آبل مفاجأة إيجابية للأسواق بتوقعاتها لزيادة الإيرادات خلال الربع المنتهي في ديسمبر بنسبة تتراوح بين 10% و12%، أي نحو ضعف التقديرات السابقة.
جاءت هذه التوقعات مدفوعة بطلب قوي على سلسلة iPhone 17 الجديدة، إضافة إلى استمرار نمو قطاع الخدمات الذي ارتفعت إيراداته بنسبة 15% إلى 28.8 مليار دولار خلال الربع الأخير.

وسجلت الشركة إيرادات قدرها 102.5 مليار دولار بزيادة 7.9% على أساس سنوي، مع ربحية سهم بلغت 1.85 دولار، متجاوزة التوقعات. ورغم تراجع الإيرادات في الصين بنسبة 3.6%، تتوقع الشركة العودة إلى النمو في السوق الصينية خلال الربع الحالي. وارتفع سهم آبل بأكثر من 4% في تعاملات ما بعد الإغلاق.
قطاع التكنولوجيا الأوسع

خارج عملاقي القطاع، شهدت ميتا طلباً قياسياً على إصدارها للسندات بقيمة 30 مليار دولار، ما يعكس ثقة المستثمرين في قوة المراكز المالية لشركات التكنولوجيا الكبرى رغم ارتفاع تكاليف التمويل. كما استفادت نفيديا من الزخم المتواصل للذكاء الاصطناعي بعد توقيع اتفاقيات شراكة جديدة مع كبرى الشركات الكورية الجنوبية.
في المقابل، تعرضت مايكروسوفت لضغوط بعد نتائج مختلطة، مما يبرز أن تكاليف البنية التحتية الضخمة للذكاء الاصطناعي باتت عاملاً أساسياً في تقييم الأداء والاستراتيجيات المستقبلية.
التطورات الجيوسياسية والكلية
هدنة تجارية مؤقتة بين واشنطن وبكين
تفاعلت الأسواق أيضاً مع نتائج اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، حيث اتفق الجانبان على هدنة لمدة عام تشمل تعليق القيود الجديدة على صادرات المعادن النادرة من الصين وتأجيل توسيع القائمة الأمريكية السوداء للشركات الصينية.
ورغم أن ترامب وصف الاتفاق بأنه “انتصار” للبلدين، إلا أنه في جوهره يمثل وقفاً مؤقتاً للتصعيد أكثر من كونه حلاً جذرياً. وتشمل التنازلات الأمريكية خفض بعض الرسوم المتعلقة بتجارة الفنتانيل والرسوم على الموانئ، وهو ما يمنح المصنعين الأمريكيين متنفساً قصيراً لكنه يعزز نفوذ بكين في مجال المعادن الاستراتيجية.
كما أظهرت المفاوضات الأخيرة مدى قوة موقف الصين التفاوضي المتزايد، إذ تربط الوصول إلى المواد الحيوية بمناقشات أوسع تتعلق بالتكنولوجيا والدفاع.
دلالات السوق
النتائج القوية لشركات التكنولوجيا الأمريكية إلى جانب الهدنة التجارية المؤقتة بين واشنطن وبكين منحت الأسواق دفعة إيجابية قصيرة الأجل. لكن التحديات الهيكلية لا تزال قائمة — أبرزها اعتماد العالم على الصين في المعادن النادرة، واستمرار الضغوط التنظيمية على شركات التكنولوجيا الأمريكية، إضافة إلى الغموض في مسار السياسة النقدية الأمريكية.
ورغم عودة المستثمرين إلى أسهم النمو، خصوصاً مع مؤشرات على متانة الطلب الاستهلاكي قبل موسم العطلات، إلا أن ارتفاع التقييمات وتعدد المخاطر السياسية والاقتصادية قد يبقيان التقلبات مرتفعة حتى نهاية العام.
ملاحظة اخيرة
تعكس موجة الانتعاش الأخيرة في الأسهم العالمية أن قصة النمو المدفوعة بالذكاء الاصطناعي لا تزال المحرك الرئيسي للأسواق، رغم استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي. ومع ذلك، فإن الهدنة الهشة بين الولايات المتحدة والصين قد تتلاشى سريعاً إذا ما عادت التوترات التجارية أو التصعيد التكنولوجي.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا التفاؤل يمثل بداية موجة صعود جديدة، أم مجرد استراحة قصيرة قبل عودة التقلبات.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية