تفاؤل في الأسواق مع اقتراب إنهاء إغلاق الحكومة الأمريكية وعودة الشهية للمخاطرة عالميًا

بدأت الأسواق الأسبوع بنغمة إيجابية مع تزايد الآمال بأن أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة يقترب من نهايته. ارتفعت الأسهم في آسيا وأوروبا، وصعدت العقود الآجلة الأمريكية بقوة، بينما تراجعت السندات مع عودة المستثمرين إلى الأصول ذات المخاطر العالية. كما سجلت السلع والعملات الرقمية مكاسب متزامنة، في انعكاس واضح لتحسن شهية المخاطرة بعد أسابيع من التوتر السياسي والتقلبات في الأسواق.

نظرة عامة على الأسواق العالمية

ارتفع مؤشر MSCI آسيا والمحيط الهادئ بنحو 1% مع مكاسب واسعة في معظم الأسواق الإقليمية، وسط تفاؤل المستثمرين بالتطورات في واشنطن. كما صعدت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 0.8%، والعقود الآجلة لمؤشر Nasdaq 100 بنسبة 1.3%، في حين أضافت العقود الآجلة لمؤشر Euro Stoxx 50 نحو 1.4%.

وفي أسواق السندات، ارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 4 نقاط أساس إلى 4.14%، وسجلت السندات اليابانية والأسترالية ارتفاعات مماثلة. أما الين الياباني فتراجع بنسبة 0.4% إلى 153.99 مقابل الدولار، بينما استقر مؤشر بلومبرغ للدولار دون تغيير يُذكر.

وجاء هذا التحول نحو الأسهم مع توقعات بأن إنهاء الإغلاق سيعيد نشر البيانات الاقتصادية الرئيسية مثل التضخم والوظائف، وهي بيانات أساسية لتحديد مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي افتقد الوضوح خلال فترة الإغلاق.

تطورات الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة

شهد مجلس الشيوخ الأمريكي اختراقًا مهمًا نحو إنهاء الإغلاق الحكومي الذي استمر 40 يومًا، وهو الأطول في تاريخ البلاد. فقد صوّت المجلس بنسبة 60 مقابل 40 لصالح تمرير مشروع قانون يمول وزارات الزراعة وشؤون المحاربين القدامى والكونغرس لعام كامل، ويمد تمويل باقي المؤسسات حتى 30 يناير المقبل. ويتضمن القانون صرف الرواتب المتأخرة للموظفين الفيدراليين وإعادة الأموال الموقوفة للولايات والحكومات المحلية.

ورغم أن المجلس لم يحدد بعد موعد التصويت النهائي، فإن مجلس النواب يستعد لمناقشة المشروع بمجرد عودة أعضائه إلى واشنطن، حيث أعلن رئيس المجلس مايك جونسون أنه سيمنح الأعضاء إشعارًا لا يقل عن 36 ساعة قبل التصويت، ما يعني أن التوصل لاتفاق نهائي قد يتم خلال الأسبوع.

وجاء الاتفاق بعد أن انشق عدد من الديمقراطيين المعتدلين عن قيادة حزبهم وصوتوا إلى جانب الجمهوريين. ومع أن بعض الديمقراطيين غير راضين عن غياب تمديد إعانات «أوباما كير»، إلا أن هذه الخطوة تمثل انفراجًا كبيرًا بعد أسابيع من الشلل السياسي الذي أضر بثقة المستهلكين والشركات.

وتُقدّر الخسائر الاقتصادية للإغلاق بحوالي 15 مليار دولار أسبوعيًا، مما قد يخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 1.5 نقطة مئوية في الربع الحالي، وهو ما يجعل إنهاء الإغلاق خطوة ضرورية لدعم الإنفاق والنشاط الاقتصادي قبل نهاية العام.

السلع والعملات

ارتفعت أسعار السلع بالتوازي مع تحسن المعنويات في الأسواق. فقد صعد خام برنت فوق 64 دولارًا للبرميل مدعومًا بتوقعات انتعاش الإنفاق الحكومي الأمريكي، في حين ارتفع الذهب لليوم الثاني على التوالي إلى حوالي 4,071 دولارًا للأونصة، وسط تزايد الرهانات على خفض الفائدة من قبل الفيدرالي الشهر المقبل. كما قفزت الفضة بأكثر من 2%، وحققت عقود النحاس وفول الصويا مكاسب في كل من بورصتي لندن وشيكاغو.

وفي سوق العملات، استقر اليورو والجنيه الإسترليني قرب مستوياتهما السابقة، بينما تراجع الين نتيجة تراجع الطلب على الملاذات الآمنة. وفي المقابل، واصلت العملات الرقمية ارتفاعها، إذ صعد البيتكوين بنسبة 1.7% متجاوزًا 106,000 دولار، وارتفع الإيثريوم بنسبة 0.8%.

أبرز أخبار الشركات

• فايزر أعلنت عن صفقة استحواذ بقيمة 10 مليارات دولار على شركة Metsera الناشئة في مجال أدوية السمنة، متفوقة على «نوفو نورديسك» بعد منافسة حادة.
• إنفيديا طلبت من TSMC زيادة إمدادات الرقائق مع استمرار الطلب القوي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، رغم مؤشرات على تباطؤ نمو الإيرادات لدى الشركة التايوانية.
• فيزا وماستركارد تقتربان من التوصل إلى اتفاق ينهي نزاعًا قانونيًا استمر عقدين مع التجار حول رسوم المعاملات.
• شركة الاستثمار Permira في طريقها للاستحواذ على JTC Plc البريطانية المتخصصة في الخدمات والصناديق الاستثمارية.

التوقعات المستقبلية

في حال إقرار مشروع القانون هذا الأسبوع، ستستعيد الأسواق إمكانية الوصول إلى البيانات الاقتصادية الحيوية التي ينتظرها المستثمرون قبل اجتماع الفيدرالي في ديسمبر. وستساعد هذه البيانات في توضيح احتمالات خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة.

كما ستبقى الأنظار موجهة نحو نتائج الشركات الكبرى، وعلى رأسها إنفيديا، التي قد تؤثر نتائجها على تقييمات قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وفي المقابل، قد تشهد أسواق السندات تقلبات إضافية مع إعادة تسعير العوائد في ظل عودة الوضوح المالي في واشنطن.

الخلاصة

أشعل الانفراج السياسي في الولايات المتحدة موجة تفاؤل جديدة في الأسواق العالمية، حيث ارتفعت الأسهم والسلع والعملات الرقمية، بينما تراجعت أسعار السندات. التركيز الآن ينصب على سرعة تمرير مشروع القانون النهائي، ومدى تأثير عودة البيانات الاقتصادية على قرارات الفيدرالي القادمة. وحتى ذلك الحين، من المرجح أن تبقى التقلبات مرتفعة، لكن المزاج العام في الأسواق بدأ يميل بوضوح نحو التفاؤل.

بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال

نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.

رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.

المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية