الأسواق العالمية على حافة الترقب وسط دراما الاحتياطي الفيدرالي وتصاعد التوترات التجارية

دخلت الأسواق العالمية تداولات يوم الخميس وسط حالة من عدم اليقين، في ظل التطورات السياسية في واشنطن وتصاعد التوترات التجارية مجددًا، ما انعكس على أداء الأسهم والسندات وأسواق العملات. ولا تزال الأنظار موجهة إلى تجدد انتقادات الرئيس دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إلى جانب موقفه المتشدد بفرض رسوم جمركية على أكثر من 150 دولة. ورغم تراجع بعض المخاوف بعد أن نفى ترامب علنًا نيته اتخاذ أي إجراء فوري ضد باول، فإن حالة الترقب لا تزال تخيم على المشهد.
نظرة عامة على الأسواق
أسواق آسيا والمحيط الهادئ
شهدت الأسهم الآسيوية بداية متباينة خلال جلسة اليوم، عقب جلسة متقلبة في الولايات المتحدة. ظل مؤشر توبكس الياباني دون تغيير يُذكر، بينما تراجع السوق الكوري الجنوبي. في المقابل، ارتفع مؤشر S&P/ASX 200 الأسترالي بنسبة 0.4%، وأضافت العقود الآجلة لمؤشر هانغ سنغ 0.2%. أما مؤشر MSCI الأوسع لآسيا والمحيط الهادئ فبقي دون تحرك، ما يعكس حالة التردد لدى المستثمرين.
العقود الآجلة الأمريكية والأسواق الأوروبية
تراجعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 0.2% بعد أن سجل المؤشر مكاسب محدودة بلغت 0.3% يوم الأربعاء. كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر Euro Stoxx 50 بنسبة 0.8%، مما يعكس استمرار القلق بشأن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا والمخاطر المرتبطة بسياسة الاحتياطي الفيدرالي.
العملات والسندات
استعاد الدولار بعض قوته، حيث ارتفع مؤشر بلومبرغ لقياس أداء الدولار بنسبة 0.1%. واستقر اليورو عند 1.1632 دولار، بينما تراجع الين الياباني بنسبة 0.2% إلى 148.11 مقابل الدولار. كما ارتفع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف إلى 4.46%، في حين تراجع عائد السندات الأسترالية لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتي أساس إلى 4.38%.
العملات الرقمية والسلع
انخفض سعر البيتكوين بنسبة 1% ليتداول دون مستوى 119,000 دولار، بينما تراجع الإيثريوم بنسبة 0.2% إلى 3,375 دولار. وارتفع سعر النفط، حيث صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.6% ليصل إلى 66.80 دولار للبرميل، بينما استقر سعر الذهب دون تغيير يُذكر.
المحاور الرئيسية المحركة للأسواق
- ترامب مقابل باول: التوتر يعود إلى السطح أثار الرئيس ترامب من جديد الجدل حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي من خلال تلميحه بإمكانية عزل جيروم باول، مشيرًا إلى وجود خلافات في السياسات وتجاوزات في تكاليف ترميم مقر البنك المركزي. جاءت ردود فعل الأسواق سلبية في البداية، حيث تراجعت الأسهم، وانخفضت عوائد السندات، وضعف الدولار. إلا أن ترامب عاد لاحقًا ليقلل من أهمية هذه التصريحات، مؤكدًا أنه “لا يخطط للقيام بأي شيء في الوقت الحالي”.
ورغم التراجع عن التصريحات، لا يزال المستثمرون متوجسين، حيث إن مجرد طرح هذا الاحتمال يعزز المخاوف من التدخل السياسي في السياسة النقدية. وشدد كبار التنفيذيين في وول ستريت على أهمية استقلالية البنك المركزي، محذرين من أن أي تدخل قد يقوض ثقة الأسواق العالمية ويزيد من التقلبات في أسعار الفائدة والعملات.
- عودة الحرب التجارية: رسائل رسوم جمركية لأكثر من 150 دولة في خطوة زادت من القلق العالمي، أعلن ترامب عن عزمه إرسال رسائل إلى أكثر من 150 دولة لإبلاغها بفرض رسوم جمركية أمريكية جديدة—قد تكون بنسبة 10% أو 15%. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع للضغط من أجل تحسين شروط التجارة، مع الإشارة إلى أن بعض الدول قد تتمكن من التفاوض لتقليل هذه الرسوم.
وبينما وصف ترامب الرسائل بأنها بمثابة “اتفاقات”، فإن هذا النهج الشامل فاجأ عدة دول، بما في ذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي، وأدخل مزيدًا من عدم اليقين في مفاوضات التجارة. وأكد الرئيس أن الدول المستهدفة “ليست دولًا كبيرة” وأنه ما زال منفتحًا على إبرام اتفاقيات منفصلة مع أوروبا وغيرها. ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم الجديدة حيز التنفيذ في الأول من أغسطس.
- ردود فعل الأسواق: هدوء مؤقت أم بداية لتقلبات أوسع؟ أظهر الارتداد السريع في الأسواق خلال جلسة الأربعاء—بعد تراجع ترامب عن تصريحاته—مدى ارتباط ثقة المستثمرين بالعناوين القادمة من واشنطن. ورغم استقرار الأصول الرئيسية مع نهاية الجلسة، فإن مخاطر التدخل السياسي في سياسات الاحتياطي الفيدرالي أو أي تصعيد مفاجئ في الرسوم الجمركية لا تزال تؤرق المستثمرين.
كما يحاول المستثمرون استشراف ما قد يعنيه عزل باول على المدى المتوسط: بنك مركزي أكثر تماشيًا مع السياسة، تراجع في التركيز على التضخم، منحنى عوائد أكثر انحدارًا، ودولار أمريكي أضعف.
أبرز الأخبار والشركات
شركة Alimentation Couche-Tard ألغت عرضها لشراء Seven & i Holdings بقيمة 6.77 تريليون ين (45.8 مليار دولار) بعد مفاوضات استمرت قرابة عام دون نتائج.
شركة Kioxia Holdings جمعت بنجاح 2.2 مليار دولار من خلال إصدار سندات عالية العائد، في استمرار لموجة الإصدارات من الشركات اليابانية.
تظل الأسواق في حالة هشّة، حيث تتحرك بشكل أكبر بفعل المناورات السياسية أكثر من العوامل الأساسية. ومع استمرار الجدل حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وتزايد التوترات التجارية، من المتوقع استمرار التقلبات. قد تسهم البيانات الاقتصادية ونتائج أرباح الشركات المقبلة في إعادة توجيه انتباه المستثمرين، إلا أن الرواية الجيوسياسية تبقى المحرك الأساسي للمزاج العام في الأسواق.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية