Back

المعنويات العالمية تتزعزع وسط تصاعد الحرب التجارية

تعيش الأسواق المالية حالة من التوتر مجددًا مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، لا سيما في ما يتعلق بصادرات الرقائق والموارد الاستراتيجية. وقد تراجعت شهية المخاطرة بعد فرض الولايات المتحدة قيودًا جديدة على صادرات Nvidia إلى الصين، إلى جانب إعلان عن فتح تحقيق جديد بشأن فرض رسوم جمركية على المعادن الحيوية. هذه التطورات أعادت إشعال المخاوف من مواجهة تجارية طويلة الأمد ذات تداعيات عالمية واسعة.

رد فعل السوق: تراجع الأسهم وارتفاع الذهب

انخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية والأوروبية بشكل حاد خلال التداولات المبكرة، عقب فرض إدارة ترامب قيودًا أكثر صرامة على صادرات Nvidia إلى الصين. وأثار هذا القرار من جديد المخاوف بشأن الحرب التكنولوجية بين أكبر اقتصادين في العالم. تزامن الإعلان مع ضعف في الطلبات لدى شركة ASML، مما أدى إلى عمليات بيع واسعة في قطاع أشباه الموصلات.

– تراجعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 1.4%

– انخفضت العقود الآجلة لمؤشر Nasdaq 100 بنسبة 2.2%

– تراجع مؤشر Hang Seng بنسبة 2.4%

– انخفض مؤشر MSCI آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 1.2%

– ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد فوق 3,290 دولارًا للأونصة مع توجه المستثمرين إلى الأصول الآمنة

– تعزز الفرنك السويسري والين الياباني أمام الدولار

– تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.5%، مما يعكس حالة عدم اليقين تجاه التوجه التجاري الأمريكي

الصين: نمو قوي في الربع الأول يتلاشى تحت وطأة الرسوم

 

أعلنت الصين عن نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.4% خلال الربع الأول، متجاوزًا التوقعات. كما سجل كل من الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة زيادات ملحوظة في مارس، مما يعكس زخمًا قويًا قبل جولة الرسوم الأخيرة.

-ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 7.7%

-نمت مبيعات التجزئة بنسبة 5.9%

-زاد الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 4.2%

-انخفض معدل البطالة إلى 5.2%

ورغم البيانات الإيجابية، طغت المخاوف من تراجع الصادرات في المستقبل، خاصة في ظل فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة تصل إلى 145% على معظم السلع الصينية، مما يتوقع أن يُثقل على النمو في الفصول القادمة. وتواجه بكين ضغوطًا متزايدة لإطلاق حزمة تحفيز شاملة، رغم احتمال تأجيل اتخاذ القرار حتى تتضح مؤشرات التباطؤ.

الصين تلمّح إلى استعداد مشروط للدخول في مفاوضات

وسط تصاعد التوترات، أشارت الصين إلى انفتاحها على مفاوضات تجارية، ولكن بشروط صارمة تشمل:

-إظهار قدر من الاحترام من الإدارة الأمريكية، خاصة من خلال كبح التصريحات العدائية

-اعتماد موقف أمريكي متماسك ومتسق

-التزام بمناقشة المخاوف الصينية المتعلقة بتايوان والعقوبات

-تعيين شخصية أمريكية مفوضة رسميًا لقيادة المفاوضات نحو اتفاق ملموس

ولا تزال بكين متماسكة سياسيًا أمام أي شعور بالإهانة، محذرة من أن أي استفزاز إضافي قد يُفشل مسار الدبلوماسية. ويُنظر إلى الحظر الأخير على شرائح H20 من Nvidia كتصعيد يقوّض الجهود المبذولة لبناء الثقة.

إدارة ترامب تصعّد بإطلاق تحقيق حول الرسوم على المعادن

في خطوة جديدة نحو تصعيد النزاع التجاري، وقّع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا لبدء تحقيق بموجب المادة 232 لدراسة تأثير واردات المعادن الحيوية على الأمن القومي. يشمل التحقيق مجموعة واسعة من المواد، بما في ذلك العناصر الأرضية النادرة، والليثيوم، والنيكل، واليورانيوم.

وتؤكد الإدارة الأمريكية أن الاعتماد على مصادر أجنبية، وخصوصًا من الصين، يُشكّل خطرًا استراتيجيًا. وإذا خلص التحقيق إلى أن هذه الواردات تهدد الأمن القومي، فقد يُمهّد الطريق لفرض رسوم جديدة واسعة النطاق، مما يعقّد سلاسل التوريد العالمية أكثر.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تحقيقات سابقة طالت أشباه الموصلات والمنتجات الدوائية، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تقليص الاعتماد الخارجي وتعزيز الإنتاج المحلي. ومع ذلك، لا تزال الأسواق قلقة من أن يؤدي التوسع في استخدام الرسوم إلى تفاقم الضغوط التضخمية العالمية وتعطيل حركة التجارة.

التضخم في المملكة المتحدة يمنح بعض الارتياح المؤقت

شهد التضخم في المملكة المتحدة تباطؤًا للشهر الثاني على التوالي، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 2.6% في مارس، وهو أقل من النسبة المسجلة في فبراير والتوقعات. وجاء التراجع مدفوعًا بانخفاض أسعار الوقود واستقرار أسعار الغذاء، بينما تباطأت وتيرة التضخم في قطاع الخدمات إلى 4.7%.

ومع ذلك، من المتوقع أن يكون هذا الهدوء مؤقتًا، في ظل ارتفاع كبير في فواتير الأسر يشمل ضريبة المجلس وأسعار الطاقة، مما سيزيد الضغوط التضخمية في الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من التراجع النسبي في الأرقام، لا تزال البيئة الاقتصادية شديدة الحساسية تجاه تطورات التجارة العالمية، خاصة في ظل التصعيد الأخير من الإدارة الأمريكية.

وقد بدأت الأسواق في تسعير احتمال خفض بنك إنجلترا لسعر الفائدة بحلول الثامن من مايو، في ظل توقعات بأن تؤدي الظروف المالية المتشددة وتباطؤ الطلب العالمي إلى إجبار البنك على التحرك بشكل استباقي.

تعميق حالة عدم اليقين على جميع الجبهات

يتنقل المستثمرون العالميون في مشهد محفوف بالمخاطر، تشكّله السياسات التجارية العدوانية وتراجع التوقعات الاقتصادية وتجدّد التوترات الجيوسياسية. ورغم أن بعض البيانات الاقتصادية، بخاصة من الصين والمملكة المتحدة، تُظهر مؤشرات استقرار، إلا أنها سُرعان ما تراجعت أمام تحولات السياسات التي تضخ موجات جديدة من التقلبات.

وحتى يحدث اختراق حقيقي في مفاوضات الولايات المتحدة والصين أو تتضح الرؤية حيال سياسة الفيدرالي، يُرجّح أن تظل الأسواق في وضع دفاعي. وفي الوقت الراهن، تظل إدارة المخاطر والمرونة في صدارة الأولويات.

بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال

نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.

رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.

المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية

This site is registered on wpml.org as a development site.