Back

استقرار في سوق السندات وانتعاش الأسهم وتصاعد التوترات التجارية

شهدت الأسواق العالمية تطورات لافتةً مؤخراً جذبت اهتمام المستثمرين في أنحاء العالم. فبعد فترة من التداول المضطرب، أظهرت السندات الأميركية بوادر استقرار، ما يبعث قدراً من الطمأنينة لدى مستثمري أدوات الدخل الثابت. وفي الوقت نفسه، شهدت أسواق الأسهم انتعاشاً مع ترقب المتداولين لأي مؤشرات واضحة حول مفاوضات التجارة الجارية. إلا أن التوترات لا تزال مرتفعة مع تأكيد الصين عزمها الثبات في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، ما يمهِّد لاحتمال امتداد المواجهة التجارية لفترة طويلة. نستعرض في ما يلي هذه الأحداث المتداخلة وتأثيراتها المحتملة على المستثمرين العالميين.

استقرار السندات الأميركية بعد فترة مضطربة

شهدت السندات الأميركية فترةً متقلبة، فقد تذبذبت العوائد تحت وطأة الشكوك بشأن السياسة النقدية واتجاهات التضخم ومستقبل النمو الاقتصادي. وعلى الرغم من هذا الاضطراب الأولي، ظهرت مؤخراً بوادر استقرار في أسواق الديون الحكومية الأميركية. ويُعزى ذلك جزئياً إلى إقبال المستثمرين على ملاذات آمنة في خضم النزاعات التجارية العالمية. وعلى الرغم من عدم استبعاد إمكانية حدوث تقلبات جديدة، يتحلّى الكثير من المشاركين في السوق بالتفاؤل الحذر حيال إمكانية بقاء أسعار السندات أكثر استقراراً في المستقبل القريب.

تصميم الصين على التصدي للرسوم الجمركية

في وقتٍ تواصل فيه الولايات المتحدة الإصرار على فرض رسوم جمركية، تؤكد الصين عزمها الثبات والرد بصرامة. فقد شدد المسؤولون في بكين على استعدادهم للدفاع عن المصالح الاقتصادية للبلاد مهما استدعى الأمر، حتى لو طال أمد النزاع التجاري. ويؤكد هذا الموقف رؤية الصين بأنها لن ترضخ لأي ضغوط لإبرام تنازلات، وستستمر في التصدي للإجراءات التي تراها غير عادلة أو تلحق الضرر بسيادتها الاقتصادية.

انتعاش أسواق الأسهم مع ترقب المتداولين

شهدت أسواق الأسهم بوادر انتعاش بعد خسائر أولية مرتبطة بالتوترات التجارية. ويعزى جانب من هذا التعافي إلى آمال المستثمرين في إمكانية التوصل إلى تسوية أو تفاهم قد يخفف من المخاطر الاقتصادية الأوسع. كما يراقب المشاركون في الأسواق عن كثب أي تعديلات محتملة في السياسات، قد تحدّ من تأثير الرسوم الجمركية على قطاعات بعينها. وعلى الرغم من أن الانتعاش أعطى جرعةً من التفاؤل، فإن التقلب لا يزال حاضراً مع محاولة المتداولين استشراف المدة المحتملة للنزاع ونتائجه بين القوى الاقتصادية الكبرى.

الرسوم الجمركية التي تفرضها الإدارة الأميركية وإجراءات الصين المضادة

أضفت سياسة الرسوم الجمركية التي تتبناها الإدارة الأميركية مزيداً من الغموض على خطط الشركات واستثماراتها. إذ تعكف شركاتٌ في قطاعات متنوعة على إعادة تقييم سلاسل التوريد وهيكل التكاليف وخططها طويلة المدى تحسّباً لارتفاع تكاليف الاستيراد. وفي المقابل، تعرض الصين حزمة إجراءاتٍ تهدف إلى حماية صناعاتها الأساسية ودعم أسواقها المالية، ما يعكس استعدادها لتحمّل تبعات صراع طويل. ويثير هذا الوضع مخاوف من فترة ممتدة من التوتر الاقتصادي قد تزيد من حالة عدم اليقين في حركة التجارة العالمية.

التداعيات المحتملة على المستثمرين

استمرار عدم اليقين على المدى الأطول: قد يؤدي استمرار الغموض حول السياسات التجارية إلى تثبيط الاستثمار الرأسمالي ويُحفّز الشركات على تبني نهج حذر في الإنفاق.

تقلبات السوق: قد تظل عوائد السندات حساسة لمؤشرات التضخم وقرارات المصارف المركزية، بينما قد تتأرجح مؤشرات الأسهم تأثراً بأي أخبار تتعلق بالتجارة.

تطورات المفاوضات: في حال اكتساب المفاوضات زخماً وظهور بوادر تسوية، قد تشهد الأسواق انتعاشاً إضافياً. وفي المقابل، فإن تشدد المواقف قد يؤدي إلى عودة موجات التقلب.

ردود الفعل السياسية: قد تلجأ الحكومات إلى اتخاذ إجراءات داعمة، كالحوافز المالية أو التيسير النقدي، لحماية الصناعات المحلية وتعزيز ثقة المستثمرين.

على الرغم من إشارات الاستقرار في سوق السندات الأميركية والانتعاش المرحّب به في أسواق الأسهم، يبقى الحذر هو العنوان الأبرز. إذ تؤكد تصريحات الصين بشأن استعدادها لـ“المواجهة حتى النهاية” مدى الأثر الذي تُخلِّفه المخاطر الجيوسياسية على شعور المستثمرين تجاه الأسواق العالمية. وفي الوقت ذاته، يترقب المستثمرون عن كثب أي مؤشرات سياسية أو اتفاقيات مُتوقَّع أن تقدّم أرضية أكثر ثباتاً. وحتى تتضح الصورة أكثر، سيظل نشاط الأسواق رهيناً بالتطورات المستمرة في قضايا التجارة الدولية والسياسات الاقتصادية.

الدولار واحتمالات الارتفاع

ارتفع المؤشر العام للدولار الأميركي لليوم الثاني على التوالي ليصل الى مستويات 103.50 تقريباً، إلا ان الارتفاعات الحالية ما زالت تعتبر ارتفاعات محدودة ومن غير المتوقع حالياً ان يتغير الاتجاه العام السلبي طالما ان المؤشر يتداول دون مستويات 104.50. نتوقع استمرار تراجع الدولار في الأسابيع المقبلة نحو مستويات 102.0 على الأقل.

بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال

نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.

رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.

المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية

This site is registered on wpml.org as a development site.